هل تتّجه بعض القوى السياسية نحو إسقاط التكليف؟
بات واضحًا أن التعايش بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري شبه مستحيل؛ فالرئيس المكلّف لا ينوي تحمّل المسؤولية الوطنية وفتح باب اللقاءات لإنهاء هذه الأزمة، متذرّعًا باللقاءات الـ 18 التي عقدها مع رئيس الجمهورية، كما أنَّ الأخير لا يحمل في جعبته الدستورية سوى الإنتظار الطويل لحين تحرير التكليف من الحريري.
دستوريًا، إسقاط التكليف يتمّ وفق الحسابات السياسية، على الشكل التالي:
أولًا: انسحاب مكوّن من المكونات الأساسية في البرلمان، وقد يكون المكوّن المسيحي المتمثل بـ”التيار الوطني الحر” مع تعاطف “القوات اللبنانية”.
ثانيًا: انسحاب الكتلة الدرزية إلى جانب المكوّن المسيحي، وهذا الأمر بات ممكنًا بعد تصريحات النائب السابق وليد جنبلاط الأخيرة.
ثالثًا: تعطيل عمل مجلس النواب من خلال اعتكاف القوى السياسية دون انسحابها الكلي من البرلمان، وبالتالي تُحضِّر الحكومة الحالية للإنتخابات النيابية.
رابعًا: التوافق السياسي على تقديم تاريخ الإنتخابات النيابية مدّة ستة أشهر.
الخيارات الأربعة واردة في الأيام العشرة المقبلة، خصوصًا بعد تلويح رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، بهذا الخيار والذي من الممكن أن يكون الخيار الإنقاذي الأوحد.
أما الحديث عن تشكيل حكومة تحضّر لإنتخابات نيابية في المرحلة المقبلة، فهذا أمر غير ممكن لأن الرئيس المكلف سعد الحريري لن يترك التكليف، وسيبقى يستخدمه كورقة يحرّك بها عاطفة شارعه المتأثّر بشكل كبير من غياب تياره عن الساحة الشعبية.
حسابيًا، لن يرضى رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” بعد اليوم باستنزاف المزيد من الوقت من عهد الرئيس عون، معوّلًا على تراجع مختلف المكوّنات السياسية، مع تمتّعه بتحالفات تسمح له أن يوجّه ضربة بعد الإنتخابات النيابية المقبلة لرئيس “تيار المسقبل” سعد الحريري، من خلال إنجاز مخطّط لا يسمح له بأن يُكلَّف بعد الإنتخابات النيابية.
اليوم، بات لبنان في عهدة الرئيس المكلّف، واللبناني يتساءل عن مدى قدرته على الصمود في ظلّ غياب الإمكانيات الدستورية التي تسمح بإسقاط التكليف، كما بات التعويل على تحمّل القوى السياسية مسؤوليتها في ظلّ غياب المسؤولية الوطنية لدى البعض، وكأنَّ قرارًا ما قد أُعطي من أجل ضرب المواطن اللبناني من خلال استغلال الثغرات الدستورية.
زكريا حمودان